قراءات – سمرقند لأمين معلوف

CVT_Samarcande_2485

تُعتبر الرواية التاريخيَّة « سَمَرقَند » من أَجمَل الروايَات التي تَتَكلم عَن مَا يسَمى بالمشرق؛ روايَة تلخص عدة قرون منَ الإرهَاصَات التي تَقَوقَعَ فيهَا الشرق رَغم كُل ثَراءه الحَضَاري و لَقَد حَرَّرَ الكَاتب أمين مَعلوف اللبناني الأَصل روايَته هَذه في 1988 و هَذا بَعد الثَّورَة الإسلاَمية في إيران في 1979. لَكن المُتَصَفح لهَذه الروايَة في يَومنَا هَذا لاَ يُمكن إلاَّ أَن يَضن أَنَّها نُشرَت في أَيَّامنَا هَذه، حَيث بَقيت روايَة « سَمَرقند » تُحَافظ عَلى رَونَقهَا و آنيتها 30 سنة بَعد نَشرهَا في فرنسا، لَكن أَكثر من ذَلك فَهذه الرواية تَصْلُح كَذلك لأَزيد من 14 قَرنً مَضت مُنذ بدَاية انتشار الحُكم الإسلاًمي في القَرن السَّابع للميلاَد.

  لَقد اختَار الكَاتب أَمين مَعلوف شَخصية عُمر الخَيَّام و مَخطوطَته التي تَختَزل الرُّبَاعيَّات، التي أَصبَحَ يَتَغَنَّى العَالم بها كَإرثٍ لاَ مَثيلَ لَهُ في مَيدَان الأَدَب و الفُنُون، لِيُعبر مِن خِلالهم عَلى كُل التَّعقيدات التي كَوَّنت الشَّرق بِكُل إِرهَاصَاته، بِأُسلُوب و رونَق جِد جَذَّاب للمتصفح الذي سَيَأخذ روَايَة مَعلوف بَين يَديه. لَكن مَا جَعل « سَمرقند » أَكثَر أَهَمية، هو اختيَار الروائي و المُفكر بأن يَربط الأَحداثَ التي جَرَت في القَرن الحَادي وَ الثَّاني عَشَر للميلاَد و التَّي وَاكَبَت حَياة عُمر الخَيام و بالضَّبط مِن خِلال مَخطوطَة الربَاعيَّات التي عَادت للظُّهور مَع نهَايَات القَرن التَّاسع عشر و بدَايَات القَرن العِشرين مِن خِلاَل استحداث شَخصية وَهمية ذو جنسية أمريكية و أصول فرنسية تدعى « بنيامين عمر لوساج » و الذي و بحُكم اهتمَام وَالدَيه و تَأثرهم بربَاعيَّات الخَيَّام أَعطوا لَه اسم عُمَر لِيَكون هَذا ذو أَثَر عَلى حَيَاته ليغوص بَعدها في التَّجاذبات التي كَانت تعصف بالمشرق و خاصة مع بداية الحركة الإصلاحية على يد جمال الدين الأفغاني مع التمحور حول البحث على مخطوطة الخَيام بَين المَزج الدائم بَين الحَقيقَة و الخَيال بِأسلوب جِدُّ مُحْكَم.

مِن هُنا تَبدأ الرواية بزيارة عمر الخيام لمدينة سمرقند، المدينة التي قدمت للرواية اسمها لأنها تمثل الإرث الشرقي بكل مدلولاته و عمقه التاريخي الحضاري، لترينا صفحات الرواية الحياة اليومية لعمر الخيام و معاصريه من ملوك و أمراء و سلاطين و كذالك الحقيقة التاريخية لذلك الوقت، التي كانت مليئة بالنزاعات الدموية بين الحكام المسلمين من أجل الظفر بسدة الحكم و أحيانا على حساب مدن بأكلمتها و التي كانت تحول إلى رماد بقصورها، بمنازلها، بأسواقها و ساكنيها. من هنا، أثبتت الرواية أن الفكرة الشائعة في وقتنا الحالي حول تلك الفترة و المتمثلة في « مثالية العيش » و التقدم الكبير للدُّول الإسلاَمية فيه الكَثير من التحريف المُمَنهج للدفاع عن حكم الخلافة و الشريعة الزائف؛ لأنه و بكل بساطة، كان العديد من العلماء قد أعدموا أو على الأقل تَمَّ نَفيهم أو تَعرضوا لأسوء أنواع  الاهانات أللإنسانية، ليستحضر الكاتب مثالا عن ذلك و هذا عند وصول عمر الخيام إلى سمرقند أين رأى كيف كان يعامل أحد تلامذة ابن سينا، الذي كُفِّر وَ أُدخل السِّجن بِسَبَبِ أَفكَاره. ليحاول الخيام الاعتراض على لذلك، لكنه تعرض هو كذلك إلى عملية سَحلٍ كادت أن تُؤدي لوفَاته وَ هَذَا بَعدَ التَّعرفِ عَلَيه وَ اتهَامه « بالكيمائي » و الزنديق. لتَكُونَ هَذه الحَادثَة، بدَاية لمشوار « مخطوطة الرباعيات » التي تحمل أفكار الخيَّام في مجلد مُنح لهَذا الأَخير من طَرَفِ القَاضي « أبو طَاهر » الذي يَعود لَهُ الفَضْل، حَسَبَ الرِّوَايَة في حَفظ دَم الخَيام بَعد أن تَم اقتيَاده لمَجلسه بسَبب حَادثة تلميذ ابن سينَا.

 لقد استطاع أمين معلوف من خلال ما أشرنا إليه سابقا، بأن يَصَحِّح « المَفَاهيم » بقصَصٍ و أَحدَاث وَاقعيَّة من خلاَل الرِّوايَة، فيما يخص المشرق الذي لا يريد النهوض خارج قوقعة الفكر الديني المتحجر و الممارسة السياسية البالية. فأراد أن يبين أنه لم يكن هناك واقع كما يتصوره العديد في أيامنا هذه أين أظهر كَاتب رائعة « الهَويَّات القَاتِلَة » واقع العيش في القصور و المجتمعات المنطوية تحت السَّلطنة –الخلافة- الإسلامية، أين كانت هناك العديد من المجتمعات الدينية المنطوية في راية السلطنة الإسلامية و التي لم تكن فيها التركيبة السكانية إسلامية بالأغلبية و حتى المجتمع الإسلامي كان و منذ ذلك الوقت مليءً بالانقسَامَاتِ الدَّاخِليَّة مِن مَذَاهبٍ و فِرَقٍ لاَ تُعَدُّ و لاَ تُحْصَى ليَصِل صَدَى صِرَاعَاتهَا في مُعظَم الأَحيَان إلى أَروقَة القُصُور لِتُأَثِّر عَلَى نَمَط الحُكمِ كُليّتاً بالقَضَاء عَلى عَائلَة حَاكِمَة بِمِيلاَد أُخرى و مِن هُنا أَشَار و باسْتفَاضَة الكَاتب الفَرنسي اللبناني الأَصل و عضو الأكاديمية الفرنسية إلى الفرقة الشيعية الإسماعيلية التي كانت تنتهج سياسة الاغتيَالاَت لِمُدَّةٍ تُقَارب القَرنَيْن مِنَ الزَّمَن و المَعْرُوفَة بِفِرقَةِ  »الحشاشون » التي تَأَسَّست عَلى يَدِ « حَسَنِ الصباح ». فأريد بشخصية الخيام أن تكون الشهادة الحية عن كل هذه الأحداث التي يجهلها الإنسان الغربي بسبب الرؤية الكلاسيكية للمشرق –L’orientalisme – من جهة، و التي يجهلها الإنسان الشرقي بسبب الرؤية الإسلاماوية الرجعية من جهة أخرى.

كما أريد بالرواية كذلك، أَن تَحمل صُور أُخْرى تُعبر عَن الحَيَاة اليَوميَّة البَسيطَة للشَّخصيَّات الحَقيقية أَو الوَهميَّة من خلاَل كرُونُولوجيا الأَحدَاث وَ هي عَكسية تَمامًا لِلصُّور النَّمَطية المَعْرُوفة عن المشرق و التَّاريخ الإسلامي و المُتَمَثل في طَبيعَة العَلاَقَات الحَميميَّة التي كَان يُنظر إليها بمَنظور مُختلف رَغم كُل المُضايقات التي كَان دَائما العَديد من الشُّيوخ المتَعَصبين ندًّا لَها منذ ذلك الوقت و كَذا حَياة « الترف » و الذي هو في الحقيقة حب للحياة كانت منتشرة بمظاهرها في كل أرجاء الرقعة الجغرافية المُنطَويَة تَحتَ الخلاَفَة الإسْلاَمية أَين كَانتِ الحانات منتشرة و كان أمراء المؤمنين ينظمون حَفلات يقدم فيها الخَمر بِكل أَريَحيَّة و أَمَام مَرئي العَامَّة و عَلاقة الكثير من أعلام الحضارة الإسلامية بالخَمر و كذلك التركيبة الاجتماعية أين كانت الجواري و الحرم يمثل جاه و افتخار للطبقات الارستقراطية و البرجوازية في العالم الإسلامي.

لَكن و كَمَا أَشَرنَا إليه في بدَايَة هَذا الملخَص البَسيط لرواية سَمَرقند، كَان هُنَاك رَبط بِالعَصر الحَديث، حَيث أَنَّه و بَعد وَفَاة عمَر الخَيام بَقيت أَعمَاله مَجهولة إلى غَايَةِ بدَايَة النَّهضة الأُوروبية التِي بَدَأَت في الاهتمَام بِربَاعِيَّاته و تَرِكَتِهِ العِلميَّة ليُصبح الخَيَّام مَركز اهتمَام في الأَدَب و الفَنِّ الغَربي و حَتى في القارة الجديدة في أمريكا. مِن هُنا استَحدث الكَاتب شَخصية بنيامين عُمر لُسَاج الذي و بحكم علاقته الفردية مع الرباعيات وصل إلى إيران ليكون شاهدا آخر في الرواية لنرى و بأسلوب عميق على تعثر حركة الإصلاح في المشرق من خلال النشاط الذي كان يقوم به جمال الدين الأفغاني و التأثير الذي كان يحظى به في أرجاء بلدان و شعوب المشرق. ليسلط الكاتب الضوء على التجربة الإيرانية الفتية، و فشلها في النهوض بسبب الصراع الذي كان بين ممثلي « المَلاَلي » المناهضين للحكم البرلماني و الديمقراطيين المساندين للملكية الدستورية و برلمان مستقل و ديمقراطية حقه؛ الصراع الذي استفادت منه القوى العضمى في ذلك الوقت للحفاظ على مصالحها. و لقد هذا كانت هذه التجربة الأولية و الفريدة من نوعها، قبل ميلاد الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأزيد من ثمانون سنة، سبب لاختيار كاتب تحفة « ليون الإفريقي » لهذه التجربة لإيرانية، لتمثل التَعثُّر المثَالي للمبادئ و فلسفة الرباعيات « هذا إذا ليس بسبب أن عمر الخيام فارسي و عرف شأنه في البلاد الفارسية و مدنها في كل من أصفهان، خرسان، نيخابور و غيرها »، بل لأن إيران مَثلت التَّجربة الفَتية المُثلى للحركات الديمقراطية في المشرق منذ نهاية القرن التاسع عشر أين ولدت في نفس وقت ميلاد الديمقراطيات الفتية في العالم الغربي.

في الأخير، لاَ يُمكنني إلاَّ أن أَنصَح كُل مُلم بالتَّاريخ الإسلاَمي و المَشْرقي أَن يَقرأَ هَذه الروايَة الجَميلة و العَميقَة في مُحتَواها و الثَّرية في مَدلولاَته و القَيمة في تَحليهَا للوَاقع. فَلا يُمكن إلاَّ أَن نَصفَ روايةَ أَمين مَعْلوف التَّاريخيَّة بأَنَّهَا روايَة أرجَعَت الميَاهَ إلى مَجَاريهَا بخطَاب عَقلاَني وَ مُتزن و بكَلمَات بَسيطة ليُوصل لَنَا صُورة كَاملة و شَفافَة لجُزء مِن تَاريخ البَشرية.

 عدني 16-05-2020



نور الدين ختال؛ أروقة المخابرات و صناعة الرأي (الجزء الثاني)

Khettal 02Khettal 02

  في المقال الأول حول نور الدين ختال حاولت أن أقدم و أوضح فكره و منهجه بأسلوب عام و بدون التعمق للرد على أفكاره السطحية و أطروحاته الجدلية العقيمة، لأنه و بكل بساطة يصعب الرد على المستوى الركيك و الدنيء لنور الدين ختال، لكن و كما أشرت إليه آنفا يجب التدقيق و نقد الأفكار مهما كانت لأنها و إن تُركت على حالها فالعامة من الناس ستنتهي بامتصاصها و جعلها مبدأ لمخيلتها و ذاكرتها العامة سواء للذي وجهت الأفكار ضده أو لصالحه. لكن يجدر بنا أن نشير إلى أن ختال ليست ظاهرة أكاديمية أو حتى إعلامية لكن ختال لا يمثل فقط فكرا معين مهما كانت درجة انحطاطه في طرحها بل هو منتوج استخباراتي و لكي لا أجد نفسي أمام مشاكل يمكن أن تكون قانونية سأكون فيها خاسرا بدون أية شكوك سأضع رؤيتي هذه، في إطار الضن و آمل أن يتفهم القارئ هذا بكل عمق.

 إن أول مرة صادفت فيها مداخلة لنور الدين ختال كان ذلك في ظهور له على قناة الصَّفَا [01] التي أججت الصراع الطائفي السني الشيعي في 2011 وهذا في إطار خطة طريق سياسية تابعة للمملكة السعودية مع اندلاع « الربيع العربي » أين عاد الصراع الطائفي الذي كان في العراق ليطغى على الشرق الأوسط كله لتصبح مطالب الشعوب المغلوبة على أمرها مطية لصراع القطبين السني الشيعي أين ساهمت السعودية و قطر و تركيا في مساندة المجموعات الإرهابية الإسلامية الأكثر تطرفا و ساهمت بذلك لميلاد منظمة داعش لتصارع الميليشيات الإيرانية الشيعية و التي لم تكن أقل وحشية من نظيرتها السنية التي وقفت في صف بشار الأسد. كان ما حدث ذو أثر عميق على ملايين من الناس و على العديد من الأقليات الدينية التي كانت هدفا مباشرا خاصة للمجموعات و الميليشيات السنية و ما حدث مع الإزيديين و المسيحيين خير دليل على ذلك و في كل هذا الصراع حاولت الديبلوماسية السعودية إلى استدراج الجزائر من أجل وضع حزب الله اللبناني في خانة المنظمات الإرهابية و كذلك أرادت من الجزائر موقفا مما حدث في اليمن بعد الحراك الشعبي الذي أدى بسقوط الرئيس علي عبد الله صالح و لكن بدون جدوى.

 من هنا اهتمت السعودية بتكوين أشخاص ذو رؤى سياسية يتبنون المذهب السني، من أجل الدفاع عن خطتها السياسية التي كانت موجهة لخوض حروب الوكالة ضد إيران و خاصة مع بداية تقربها من تل أبيب و عدم تغطية المملكة السعودية لموقفها الرامي لتحسين العلاقات السياسية مع إسرائيل. فلقد قبلت الرياض في إطار ذلك، بما يسمى بصفقة القرن التي تهدف إلى تقديم تنازلات في الضفة الغربية للمستوطنات لصالح إسرائيل و هذا ما شرحه مبعوث الرئيس الأمريكي كوشنر في البحرين مع حضور كل ممثلي دول الخليج، إذن ختال كان ضمن هذه السياسة السعودية كعضو، كان الهدف منه الظهور على وسائل الإعلام المختلفة و التي ساعدته في ذلك شبكات الضغط السعودية من أجل الظهور على وسائل إعلام ثقيلة بأسلوب مباشر و غير مباشر.

 و يظهر موقف و علاقة ختال بسياسة السعودية و علاقته بأذرعها الطائفية في العديد من المواقف و خاصة في إطار برنامج أحداث لقناة 24 سعودي في ديكور وضع فيه العَلَمُ الأمريكي في مركز الأَعْلاَم السعودية [02]، أين كان يدافع خاصة على موقف السعودية من إيران، أي جوهر المهمة التي أوكلتها إياها الولايات المتحدة الأمريكية للمملكة. حيث صرح الإعلامي « نور الدين ختال » بأنه يأمل من زيارة « ولي العهد » إلى الو.م.أ قرارا صارما لهذه الأخيرة للتدخل بأكثر حزم ضد إيران و هذا مطلب جد ساذج لأن أمريكا واضحة في سياستها مع طهران و لا حاجة لمطلب دولة معينة و خاصة لدولة تعتبر « محمية » لأمريكا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، خاصة أن هذه المداخلة الإعلامية كانت بعد انتخاب ترامب؛ الذي كان واضحا في برنامج حملته الانتخابية المعادي بشدة لإيران. لكن ما يمكن أن نشير إليه كذالك و الشيء الذي يعتبر أكثر خطورة هو ما عنون تحت مداخلة ختال في هذه الحصة، أين كتب اسمه كالتالي: « نور الدين المالكي »، و هي إشارة واضحة للفكرة المذهبية التي أريد أن يكون بها ختال باستخدام نفس الخطاب الطائفي السني-الشيعي في الصراع الذي يتواجه فيه محور السعودية السني و محور إيران، بالتذكير بالمذهب الرسمي السني في الجزائر التي و في حقيقة الأمر تعرف مذاهب إسلامية عدة في نسيجها الاجتماعي.

 زيادة على ذلك، تطرق « نور الدين المالكي » إلى تقارب السياسات الأمريكية السعودية و التي لم يتكلم عندها. لأن أبرز هذه المقاربات بعد مجيء دونالد تراب و الذي كانت من أولى قراراته تحويل السفارة الأمريكية إلى أورشليم-القدس هو ما أشير إليه سابقا و هو التوافق حول مشروع صفقة القرن حول الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني [03] بعد تقرب دول التعاون الخليجي من إسرائيل بشكل لم يسبق له مثيل، أين شاهدنا زيارات تبادل بين الطرفين رفيعة المستوى، إذا و من خلال كل هذا فختال كان أقل ما يقال عنده صنيعة مجموعات الضغط السعودية من أجل جر الجزائر إلى مستنقع الصراعات في الشرق الأوسط و تزامن هذه المحاولات مع حملة لا مثيل لها ضد الشيعة في الجزائر على يد وسائل إعلام تتبنى نفس أطروحات ختال مثل جريدة الشروق، من جهة أخرى لا يخفى لأحد أن السعودية معروفة كذلك بسياستها في الحرب الالكترونية من أجل الدفاع عن مشاريعها السياسية داخليا و خارجيا؛ من هنا هل هناك علاقة مع ما حدث في الجزائر إبان اندلاع الحراك الشعبي من ظهور لحرب إلكترونية شرسة ؟ هذا مجرد تساؤل يجب الخوص فيه فيما بعد.

  لكن و بعد وضوح الموقف الجزائري بشكل لا رجعة فيه و عودة الإدارة الأمريكية إلى سياستها الشرسة ضد إيران و كذا الردود العالمية بعد مقتل الصحفي جمال قاشقجي في السفارة السعودية في تركيا، تراجعت اللوبيهات السعودية في العالم و نفس الشيء في الجزائر من أجل تفادي عواصف أخرى و ترك الإدارة الأمريكية كذلك التكفل بالضغط على إيران. لتترك بذلك مخلفاتها المنطوية تحت الأفكار الطائفية و الرؤى الإيديولوجية التكفيرية و الطائفية و حيدة، لكن و بما أن عالم المخابرات مستنقع لا يمكن الخروج منه و حسب العديد من المعلومات التي لا يمكن أن أشير لا إلى مصدرها و لا إلى مصداقيتها، فلقد كانت المخابرات الجزائرية قد تقربت من ختال في القاهرة منذ عام 2011 بدون علم هذا الأخير خاصة بعد تتبعه في أروقة الشبكات السعودية و التي سعت من أجل التعامل معه و استدراجه في الربيع العربي الذي كان يقلق الدولة الجزائرية في ذلك الوقت أين كان عملاء المخابرات الجزائرية و خاصة في عواصم الدول العربية تتعقب المواطنين الجزائريين المدمجين في إطار ما كان يحدث في المنطقة من أحداث. فبهذا، أصبح ختال قريبا من العديد من عملاء الاستخبارات الجزائرية التي رأت فيه وسيلة للتدخل في النقاش العام في الإعلام الجزائري و تمرير رؤيتها عبره و ذلك بالتحايل عليه سواء بتقديم معلومات زائفة أو مطالب لا يعلم أنها قد أعدت مسبقا أين كان يقال له من خلال العملاء الذين يتعامل معهم بأنهم « يدافعون عن الهوية العربية الاسلامية » و أنهم في « صراع داخلي داخل مؤسسات الدولة من أجل هذه المسائل » ليستدرج ختال إلى هذا المستنقع السياسي ليكون عراب الصراع العرب-الأمازيغي في الجزائر بعدما كان عراب الصراع السني-الشيعي؛ و في كلتا الحالتين يبقى عراب للكراهية و البغضاء.

يتبع …

[01] https://web.archive.org/web/20120124135320/http://arabic.cnn.com/2010/middle_east/10/19/nile.tv/

[02] https://www.youtube.com/watch?v=YQnpo_co6vM

[03] https://www.dw.com/ar/



نور الدين ختال و المثقف الزائف – الجزء الأول

Khettal-300x269

  انتشرت في الآونة الأخيرة الكثير من الأسماء التي أصبحت تصنع الرأي العام في الجزائر و الأدهى و الأمر في كل هذا هو أن هؤلاء يأخذون و يصنعون لأنفسهم صورة المثقف و الباحث في مجالات عدة و من بين هؤلاء الإسلامي العُروبي ( الوصف الذي لا أعتبره سب بل فكر و إيديولوجية) نور الدين ختال، الذي يحاول بكل قواه أن يفرض وجوده كباحث مثقف، لأنها الصفة التي يمكن التأثير من خلالها على المجتمع الجزائري الذي و للأسف تم التعتيم عليه من خلال نظام تربوي خالي من كل قراءة نقدية للنصوص و الكتابات. من هنا حاولت قراءة العديد مما ينشره ختال من كتابات و التي تؤثر على جانب من الشعب الجزائري لأنها تراعي حسه الديني الإسلامي من جهة و الثقافة المحافظة الشعبية و كذا الاتجاه القومي العُرُوبي الذي شبَّ عليه الجزائريون بسبب عوامل تاريخية، لكن تلك الكتابات تلخص الأفكار في عمليات اختزال الوقائع التاريخية بشكل عشوائي، يحاول فيها صاحبها الإكثار و الإسراف في المعلومات التي تم اقتطاعها من كل جوانب تاريخية مختلفة لصنع حجج متتالية و الشيء الذي تحبه النفسية الجزائرية و هذه مغالطة في منظور البحث العلمي لأن الأهم ليس عدد المعلومات في مقال معين بل ما يهم هو التحليل العلمي للمعطيات التاريخية وفق الواقع التي حدثت فيها و تمحيصها للوصول لنتيجة معينة.

  إن ما يجب الإشارة إليه و هو ما لا يعرفه الكثير هو أن نور الدين ختال قبائلي منحدر من الولاية القبائلية برج بوعريرج و بالضبط من قرية الزعامشة بلدية حسناوة و التابعة للولاية الثالثة التاريخية إبان الثورة التحريرية و الهدف من الإشارة لهذه المسألة هي أن الانتماء إلى بلاد القبائل أو أن يكون الشخص قبائلي لا يعني أبدا أن يكون على منهج فكري معين موحد و ختال إثْبَات واضح لهذه المسألة و أمثاله كثر مثل الدكتور عثمان بن نعمان و الكثير ممن نعرف عن أن أصولهم من منطقة القبائل و الذين أطروا الفكر المعادي للحركة الأمازيغي منذ بداياته و لعل أشهرهم ملود قاسم نايت بلقاسم المولود بقرية إغيل أعلي، فجل هؤلاء يكنون كل العداء لبلادهم و شعبهم و ثقافتهم لأن الإنسان مهما كان انتماءه فهو ضحية الأفكار التي سيكبر عليها في النظام التربوي و المنهج الحضاري الذي فرضه النظام السياسي الجزائري بعد الاستقلال و كذا التأثيرات الجيوستراتيجية منذ بداية الحركة القومية العربية و الحركات الإسلامية التي كان لها أثر كبير لمدة طويلة فكان لهذا انعكاسات على بلاد القبائل فالكثير تَعربوا و تنكروا لثقافتهم و هذا لأسباب يطول شرحها في هذا المجال.

   تعتبر أهمية ما أشرت إليه في الفقرة أعلاه مهما جدا لأن الركيزة الأساسية لفكر نور الدين ختال و كل المنطوين تحت مطية الفكر العُروبي الإسلامي هو معاداة بلاد القبائل و شعبها المُتشبث بالركائز الثقافية التي تميزه و هذا يعود لسبب تاريخي و هي أن منطقة القبائل من جهة أسست لنواة سياسية قائمة على المبدأ الجمهوري الديمقراطي المعادي لفكرة الخلافة الإسلامية التي كانت في نهاية الثمانينات تقول في شعاراتها: « لا ميثاق لا دستور قال الله قال الرسول »، و هذا المبدأ الجمهوري للأحزاب السياسية القبائلية أمثال الإرسيدي و الأفافاس قائم كذلك على علمانية الدولة أي فتح الحرية الدينية للأفراد و الفصل بين المؤسسة الدينية و مؤسسات الجمهورية، الشيء الذي يعارض منطق الحركات الإسلامية التي ترى في أن « الإسلام دين و دولة و هو الحل الوحيد لنهضة الأمة ». لكن، لم يقف التباين بين الجهتين حول هاتين المسألتين، بل تعداه أيضا لمسألة الهوية حيث أن بلاد القبائل تعتبر كذلك النواة الأساسية للحركة الأمازيغي، التي تطالب بالاعتراف بالكيان الهوياتي الأمازيغي لشمال إفريقيا و كذا إعادة النظر في البعد الحضاري للدولة الجزائرية و هذا ما يعارض الفكر القومي البعثي العروبي بشكل مطلق، لتصبح إذا و بهذا بلاد القبائل « الشيطان الأكبر » و « الكابوس المزعج » الذي يزرع في كل فَردٍ متشبع بالفكر العربي-الإسلامي الخَوفَ و الارتيَاب.

  فمن هنا، أسس ختال و غيره أفكارهم و أهدافهم، لكن و خاصة بعد فشل كل المثقفين العروبيين الإسلاميين بكل ما أوتوا من قوة أمام الحقائق التاريخية التي واجهتهم بها الحركة الأمازيغي كان هناك إحساس الانهزام قد طغى على الكثير من الذين يؤمنون بهذه الإيديولوجية البَعثية الإسلامية، فَأُجبروا على استخدام كل الأساليب ضد بلاد القبائل و بهذا ولد « المثقفين الزائفين » من أمثال ختال لمحاولة بائسة لإنقاذ فكرهم المحتضر الذي حطم البلاد كليتا و هدم التنوع الثقافي الذي كانت تزخر به الجزائر ليُكون أجيال من المتطرفين المعادين للاختلاف. الشيء الذي يظهر جليا و بشكل غير قابل للنقاش في كتابات ختال فهو لا يرى في الجزائر إلا من خلال منظور عربي إسلامي.

  من هنا يمكن أن يتقدم القارئ بطرح عدم الاكتراث لأمثال هؤلاء و من جهة أخرى يمكن القول أن ختال و بما أنه لا يمتلك أي مؤهلات لكي يكون صانع رأي فلا يجب الرد عليه و نقد أفكاره و هذا ما أرفضه تماما فأنا أؤمن بأن الطبيعة تأبى الفراغ و أيا كانت الفكرة التي يمكن أن ننشرها في مجتمع معين و إن كانت من أغبى الأفكار التي لا يمكن لأحد تصديقها، فإذا تركت بدون نقد ستصبح يوما ما فكرة يؤمن بها العامة من الناس و سيكون البعض حتى مستعدا للموت من أجلها.

فمن هنا سأحاول الرد في مقال ثاني على مجمل أفكار نور الدين ختال السياسية التي لا يمكن إلا أن نصفها بالعشوائية و الغوغائية، حيث يقوم ختال بمزج كل شيء و الضرب عرض الحائط لكل ركائز العمل المؤسس على التحليل و النقد و نجده يكتب في معظم الأحيان منشورات لسطرين و فيديوهات يتكلم فيها ليؤكد بأسلوب بعيد كل البعد عن التحليل المنطقي على بعض الأفكار السياسية البالية و يكتب مقالات تقريبا نفسها في كل شيء مع وضع ممنهج لأكثر عدد ممكن من المعلومات و دمجها بأسلوب مضحك للوصول إلى نتيجة معينة.

عدني بتاريخ 08/05/2020



تداعيات الوباء العالمي على العولمــــــــــــة

تداعيات الوباء العالمي على العولمــــــــــــة  (الجزء الأول)

 

  » لقد توقفت الكرة الأرضية عن الدوران » (La terre s’est arrêté de tourner)، مثل فرنسي يأخذ معناه الكلي في ضل تداعيات أزمة الوباء العالمي الذي سببه الفيروس الصيني (كوفيد19) و ألقى بضلاله على كل الأنظمة البشرية في كل النواحي السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية و حتى النفسية منها و تبينت حدود النظام العالمي الحالي و إشكالاته العويصة على البشرية جمعاء. فلقد ضن الإنسان أن لديه التحكم التام بالنظام الطبيعي و أن لديه كامل الوسائل لردع أي خطر يمكنه أن يهدد وجوده و كيانه و نظامه، لكن كل هذا الفكر الذي ولد إبان القرن العشرين مع الثورة الصناعية بدأ يتفكك و بدأ الكائن البشري يفهم أن هناك حدودا لإرادته في التحكم في كل شيء.

   في سنوات السبعينات بدأت الأفكار التي تنادي بالخطر المحدق من طرف العديد من العلماء ليدقوا ناقوس الخطر الذي يحدق بالعالم و هذا بسبب التغيرات المناخية التي ستحدثها الأفكار الجامحة التي لا تفكر إلا بمنطق اقتصادي مختصر في كلمة « النمو الاقتصادي » فكانت هذه الأفكار و الأصوات التحذيرية، النواة الأساسية للعديد من الاتفاقيات الدولية و كذلك دافع لميلاد حركات سياسية خضراء تدافع على الحفاظ على الطبيعة و أهمية ذلك على الحياة الإنسانية و تولدت كذلك العديد من المنظمات الغير حكومية لمواكبة هذه المسألة لِتُوضح للرأي العام العالمي أهمية الحفاظ على التوازن البيولوجي على سطح الكرة الأرضية. مع كل هذا بقيت أفكار العولمة و مقوماتها، مسألة متفق عليها و خاصة مسألة الحدود المفتوحة (Oppen borders) و التجارة الحرة، مع محاولة لتقريب وجهات النظر بين النمو الاقتصادي و الحفاظ على البيئة؛ أي إمكانية الحفاظ على الوتيرة الاقتصادية العالمية خاصة تحت تأثير منظمة التجارة العالمية و الرؤية الجديدة الحاملة لفكرة حماية الطبيعة و المحيط في إطار فكرة العالم القرية (The global village).

من هذا المنطلق آمن العديد بهذه الفكرة المتناسقة التي تقوم على أساس المصالحة بين فكرة النمو الاقتصادي العالمي و الحفاظ على الطبيعة التي هي أساس الوجود البشري و هذا ما سمي بالتنمية المستدامة (Sustainable development)، لكن هذه الفكرة الإصلاحيَّة أظهرت فشلها أو بالمعنى الأصح حدودها و ذلك بعدما عرف العالم انفجار ديمغرافي لم يسبق له وجود في تاريخ البشرية أين أصبح لدينا 8 مليار من البشر في عام 2019 و ترجح التقديرات لعلماء الديمغرافية أن يكون 10 مليار من البشر في عام 2050 أي بعد ثلاثون عاما و هذا أكبر نمو ديمغرافي عرفته البشرية منذ التاريخ، ففي 1950 كان هناك 2،5 مليار إنسان ليصبح الرقم في أقل من سبعون سنة ثلاث مرات أكبر مما كان عليه و هنا يستلزم التفكر في حاجيات البشر و زيادة على ذلك تقدم متوسط العمر (La moyenne d’âge) 29،6 بالنسبة للرجال و 31،1 بالنسبة للنساء ليكون الشغل الشاغل لإقتصادات الدول و كذا الهيآت الدولية هو تحسين ظروف سكان المعمورة بأي ثمن. فساهمت بذلك كذلك فكرة مؤشرات التنمية العالمية لتتسابق الدول في توفير كل الظروف و الوسائل الممكنة لتوفير الرفاهية المفرطة لمواطنيها و أحدث هذه المنظومة تنامي ثقافة استهلاكية منقطع النظير و تغلبت فكرة النمو الاقتصادي على فكرة التنمية المستدامة حيث تسجل المرحلة ما بين 2004 و 2030 زيادة عالمية للطلب على الطاقة ب 60%  [i] و هذا بدون احتساب كل الطلبات المتزايدة في العديد من المجالات. فلا مفر من تغليب فكرة النمو الاقتصادي على فكرة المحافظة على التوازن الطبيعي لأن نسبة النمو الديمغرافي تستلزم بدون أي نقاش المزيد من مناصب الشغل، المزيد من استهلاك الطاقة، المزيد من طرق المواصلات، المزيد من المصانع لتلبية الحاجيات و الكماليات الاستهلاكية ثم إن السرعة التي تتصاعد بها المنحى الديمغرافي لم يترك أي مجال لكي تتأقلم الإقتصادات لتطور أنظمة أكثر عقلانية و زد على ذلك قوة و حدة الحركات الاجتماعية التي تطالب بظروف أكثر رفاهية للعيش و أصبح مصطلح العيش الكريم مرادفا للرفاهية و الاستهلاك اللاعقلاني للموارد الطبيعية.

 لتفسير ما قد تمت الإشارة إليه يجب التدقيق في حسابات المنظمة الغير حكومية غلوبل فوتبرينت نتورك (Global Footprint Network) بقيامها باحتساب ما يسمى بيوم التخطي (Earth Overshoot Day) و الذي يمثل استهلاك البشرية لما يمكن أن تنتجه الأرض في خلال سنة واحدة و توصلت الحسابات إلى أن العام الماضي و بالضبط بتاريخ 29 جويلية 2019 تم فيه استهلاك المعمورة لما يمكن أن تنتجه الأرض من ثروات في عام واحد.[ii]      

فالنتيجة هي إذا كارثية، فلم يعد أمام البشرية إلا أن تنصب اهتمامها في رؤية نمطية مغايرة على العولمة التقليدية القائمة على مبدأ التنمية المستدامة، إلى فكرة أكثر فعالية أمام الاستعجال الطارئ الذي يحدق بوجودنا نهائيا و هي فكرة التدني الاقتصادي (La décroissance économique)[iii] و التي أصبحت منظرة من طرف العديد من المفكرين و منهم عالم الاقتصاد الفرنسي توماس بيكيتي (Thomas Pikkety) و الذي يذهب إلى أبعد من الرؤية المناخية لتداعيات النمو الاقتصادي حيث يعتبر أن النمو الاقتصادي لم يصبح أداة للرفاهية لسكان المعمورة بل وسيلة لتوسعة هوة عدم المساواة الاجتماعية.[iv] فمن هنا لم يتبقى لرواد الفكر التنموي الكلاسيكي أية حجة يمكن لهم و على أساسها الإبقاء على مفهوم التنمية المستدامة كأداة للربط بين النمو الاقتصادي و الحفاظ على التوازن الطبيعي، فالنمو  أصبح من جهة يوسع الهوة بين مختلف الطبقات الاجتماعية و ما سيؤدي إلى العودة للصراعات التي عرفها العالم أواخر القرن 19 و بدايات القرن 20 و يدفع إلى طرق استهلاكية غير عقلانية و من جهة أخرى يؤثر ذلك سلبا على التوازن البيولوجي و الطبيعي و الشيء الذي يمكن أن يحدث كوارث طبيعية، أزمات بيولوجية ذو أثر كارثي.

———————————

   إن القارئ للأسطر المقدمة سابقا لربما سيتساءل عن العلاقة بين وباء عالمي له علاقة مباشرة مع علم الفيروسات، الطب و البيولوجية مع كل هذه النقاط التي تدخل في إطار فلسفة الاقتصاد السياسي، التنظيمات البشرية (السوسيولوجية) و النظريات السياسية و الإجابة عن هذا التساؤل يجب أن يكون جدي و من هنا يمكن أن نأخذ أمثلة بسيطة من التاريخ البشري فبسبب سقوط تفاحة اكتشف نيوتن قانون الجاذبية و بسبب زيادة الضريبة على الشاي المستورد من طرف المستوطنين في أمريكا تولدت الفكرة الاستقلالية و تأسست بذلك أقوى دولة في العالم لحد الآن، و بسب عمليات إرهابية ضد برجي التجارة العالمي في نيويورك بتاريخ 11/09/2001 دخل العالم صراع تحالفات جديدة و تم الإعلان عن حرب عالمية طاحنة ضد الإرهاب و تمت غزو العراق و بسبب حرق تاجر خضروات في مدينة لم يسمع بها أحدا من قبل في جنوب الجمهورية التونسية إنهارت أنظمة ديكتاتورية عتيدة و تخيرت جغرافيا العلاقات الدولية. فالأحداث البسيطة تؤدي بنا أحيانا إلى سلسلة من الأحداث لا يمكن تصورها و لعل أبسط مثال يلخص هذه المسألة هو كالتالي « القطرة التي أفاضت الكأس ».    

من جهة أخرى يجب أن نعي أنَّه أيا كانت الأزمة التي ستحل بمجتمع معين سيكون لديها أثر على العلاقة التي هذا المجتمع بنظامه السياسي و الاقتصادي سواء بمنظور إيجابي أو سلبي و لقد أشار إلى هذا المفكر و الكاتب الفرنسي جاك أتالي في مقال له حول تداعيات أزمة الكورونا و الذي التقطته العديد من الصحف العالمية أي كتب « يمكن أن نشير إلى أمثلة أخرى و سنرى أنه، كلما حطم وباء معين قارة معينة، تنزع المصداقية عن منظومة المعتقدات و التحكم، التي لم تستطع منع وفاة و هلاك الكثير من الناس؛ لهذا ينتقم الباقون على قيد الحياة من حكامهم و أسيادهم، لإحداث تغيير جذري للعلاقات السلطوية »[v] 

———————————

  يتبين لنا مما سبق أن لكل أزمة تداعيات و نتائج و بما أن هذه الأزمة عالمية ستتبعها تباعيات لا تقتصر على قارة بعينها و لا على إقليم معين بل على العالم ككل و يعتبر العالم الحالي قائم على مبادئ معينة أشرنا إليها مسبقا في المنظور الاقتصادي، لكن يبقى الشق السياسي ذو أهمية قصوى حيث تتسم العولمة في إطارها التقليدية على مبادئ رسمت أركانها على إثر الحرب العالمية الثانية و بالأخص على إثر مؤتمر بريتون-ودز (Bretton-Woods)[vi] و لإتفاقية هذا المؤتمر أهمية بالغة لأنه و من خلالها تم إعتماد الدولار كوحدة تعامل مالية عالمية رغم أنه كان هناك رأي مخالف للعالم الإقتصادي الشهير جون ماينار كاينز (John Maynard Keynes) الذي إقترح عملة دولية و هي البانكور (Bancor) و هي فكرة أخذها بالأساس من عالم إقتصاد بريطاني ذو أصول ألمانية و هو فريدريك شوماخر ( Friedrich Schumacher)  - لكن و بسبب الأوضاع العالمية أنذك تم إعتماد فكرة الأمريكي هاري ديكستر وايت (Harry Dexter Xhite) الذي فرض فركة معايير التبادلات بالذهب (Gold Exchange Standard) و هذا بموافقة 44 ممل لمختلف دول الحلفاء.

لقد كان هذا الملتقى بداية للعالم الجديد و من خلاله تأسس المؤسسات العالمية مثل صندوق النقد الدولي (FMI) و كذلك بنك التنمية العالمية و الذي تحول فيما بعد إلى البنك الدولي و لقد من المنتظر كذلك التأسيس لمنظمة عالمية تعني بالتجارة العالمية لكن بسبب خلافات داخلية لم تعرف هذه المنظمة اليوم لكن لمن يمنع ذلك بعض الدول للتأسيس لإتفاقية التجارة الحرة (GATT) و التي تحولت فيما بعد القاعدة التي تأسست عليها منظمة التجارة العالمية في 1994. هذا يبن أنه عالم جديد سواء في تنظيمه الاقتصادي أو في شقه السياسي مع تغير موازين القوى العالمية و الذي استطاع العيش و التغلب على كل الصعاب لغاية يومنا هذا و هذا و النظام الذي يمكن أن يتغير كليتا.

 


[vi] Les accords de Bretton Woods le 1er au 22 juillet 1944 aux USA

تداعيات الوباء العالمي على العولمــــــــــــة  (الجزء الأول)

 

  » لقد توقفت الكرة الأرضية عن الدوران » (La terre s’est arrêté de tourner)، مثل فرنسي يأخذ معناه الكلي في ضل تداعيات أزمة الوباء العالمي الذي سببه الفيروس الصيني (كوفيد19) و ألقى بضلاله على كل الأنظمة البشرية في كل النواحي السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية و حتى النفسية منها و تبينت حدود النظام العالمي الحالي و إشكالاته العويصة على البشرية جمعاء. فلقد ضن الإنسان أن لديه التحكم التام بالنظام الطبيعي و أن لديه كامل الوسائل لردع أي خطر يمكنه أن يهدد وجوده و كيانه و نظامه، لكن كل هذا الفكر الذي ولد إبان القرن العشرين مع الثورة الصناعية بدأ يتفكك و بدأ الكائن البشري يفهم أن هناك حدودا لإرادته في التحكم في كل شيء.

   في سنوات السبعينات بدأت الأفكار التي تنادي بالخطر المحدق من طرف العديد من العلماء ليدقوا ناقوس الخطر الذي يحدق بالعالم و هذا بسبب التغيرات المناخية التي ستحدثها الأفكار الجامحة التي لا تفكر إلا بمنطق اقتصادي مختصر في كلمة « النمو الاقتصادي » فكانت هذه الأفكار و الأصوات التحذيرية، النواة الأساسية للعديد من الاتفاقيات الدولية و كذلك دافع لميلاد حركات سياسية خضراء تدافع على الحفاظ على الطبيعة و أهمية ذلك على الحياة الإنسانية و تولدت كذلك العديد من المنظمات الغير حكومية لمواكبة هذه المسألة لِتُوضح للرأي العام العالمي أهمية الحفاظ على التوازن البيولوجي على سطح الكرة الأرضية. مع كل هذا بقيت أفكار العولمة و مقوماتها، مسألة متفق عليها و خاصة مسألة الحدود المفتوحة (Oppen borders) و التجارة الحرة، مع محاولة لتقريب وجهات النظر بين النمو الاقتصادي و الحفاظ على البيئة؛ أي إمكانية الحفاظ على الوتيرة الاقتصادية العالمية خاصة تحت تأثير منظمة التجارة العالمية و الرؤية الجديدة الحاملة لفكرة حماية الطبيعة و المحيط في إطار فكرة العالم القرية (The global village).

من هذا المنطلق آمن العديد بهذه الفكرة المتناسقة التي تقوم على أساس المصالحة بين فكرة النمو الاقتصادي العالمي و الحفاظ على الطبيعة التي هي أساس الوجود البشري و هذا ما سمي بالتنمية المستدامة (Sustainable development)، لكن هذه الفكرة الإصلاحيَّة أظهرت فشلها أو بالمعنى الأصح حدودها و ذلك بعدما عرف العالم انفجار ديمغرافي لم يسبق له وجود في تاريخ البشرية أين أصبح لدينا 8 مليار من البشر في عام 2019 و ترجح التقديرات لعلماء الديمغرافية أن يكون 10 مليار من البشر في عام 2050 أي بعد ثلاثون عاما و هذا أكبر نمو ديمغرافي عرفته البشرية منذ التاريخ، ففي 1950 كان هناك 2،5 مليار إنسان ليصبح الرقم في أقل من سبعون سنة ثلاث مرات أكبر مما كان عليه و هنا يستلزم التفكر في حاجيات البشر و زيادة على ذلك تقدم متوسط العمر (La moyenne d’âge) 29،6 بالنسبة للرجال و 31،1 بالنسبة للنساء ليكون الشغل الشاغل لإقتصادات الدول و كذا الهيآت الدولية هو تحسين ظروف سكان المعمورة بأي ثمن. فساهمت بذلك كذلك فكرة مؤشرات التنمية العالمية لتتسابق الدول في توفير كل الظروف و الوسائل الممكنة لتوفير الرفاهية المفرطة لمواطنيها و أحدث هذه المنظومة تنامي ثقافة استهلاكية منقطع النظير و تغلبت فكرة النمو الاقتصادي على فكرة التنمية المستدامة حيث تسجل المرحلة ما بين 2004 و 2030 زيادة عالمية للطلب على الطاقة ب 60%  [i] و هذا بدون احتساب كل الطلبات المتزايدة في العديد من المجالات. فلا مفر من تغليب فكرة النمو الاقتصادي على فكرة المحافظة على التوازن الطبيعي لأن نسبة النمو الديمغرافي تستلزم بدون أي نقاش المزيد من مناصب الشغل، المزيد من استهلاك الطاقة، المزيد من طرق المواصلات، المزيد من المصانع لتلبية الحاجيات و الكماليات الاستهلاكية ثم إن السرعة التي تتصاعد بها المنحى الديمغرافي لم يترك أي مجال لكي تتأقلم الإقتصادات لتطور أنظمة أكثر عقلانية و زد على ذلك قوة و حدة الحركات الاجتماعية التي تطالب بظروف أكثر رفاهية للعيش و أصبح مصطلح العيش الكريم مرادفا للرفاهية و الاستهلاك اللاعقلاني للموارد الطبيعية.

 لتفسير ما قد تمت الإشارة إليه يجب التدقيق في حسابات المنظمة الغير حكومية غلوبل فوتبرينت نتورك (Global Footprint Network) بقيامها باحتساب ما يسمى بيوم التخطي (Earth Overshoot Day) و الذي يمثل استهلاك البشرية لما يمكن أن تنتجه الأرض في خلال سنة واحدة و توصلت الحسابات إلى أن العام الماضي و بالضبط بتاريخ 29 جويلية 2019 تم فيه استهلاك المعمورة لما يمكن أن تنتجه الأرض من ثروات في عام واحد.[ii]      

فالنتيجة هي إذا كارثية، فلم يعد أمام البشرية إلا أن تنصب اهتمامها في رؤية نمطية مغايرة على العولمة التقليدية القائمة على مبدأ التنمية المستدامة، إلى فكرة أكثر فعالية أمام الاستعجال الطارئ الذي يحدق بوجودنا نهائيا و هي فكرة التدني الاقتصادي (La décroissance économique)[iii] و التي أصبحت منظرة من طرف العديد من المفكرين و منهم عالم الاقتصاد الفرنسي توماس بيكيتي (Thomas Pikkety) و الذي يذهب إلى أبعد من الرؤية المناخية لتداعيات النمو الاقتصادي حيث يعتبر أن النمو الاقتصادي لم يصبح أداة للرفاهية لسكان المعمورة بل وسيلة لتوسعة هوة عدم المساواة الاجتماعية.[iv] فمن هنا لم يتبقى لرواد الفكر التنموي الكلاسيكي أية حجة يمكن لهم و على أساسها الإبقاء على مفهوم التنمية المستدامة كأداة للربط بين النمو الاقتصادي و الحفاظ على التوازن الطبيعي، فالنمو  أصبح من جهة يوسع الهوة بين مختلف الطبقات الاجتماعية و ما سيؤدي إلى العودة للصراعات التي عرفها العالم أواخر القرن 19 و بدايات القرن 20 و يدفع إلى طرق استهلاكية غير عقلانية و من جهة أخرى يؤثر ذلك سلبا على التوازن البيولوجي و الطبيعي و الشيء الذي يمكن أن يحدث كوارث طبيعية، أزمات بيولوجية ذو أثر كارثي.

———————————

   إن القارئ للأسطر المقدمة سابقا لربما سيتساءل عن العلاقة بين وباء عالمي له علاقة مباشرة مع علم الفيروسات، الطب و البيولوجية مع كل هذه النقاط التي تدخل في إطار فلسفة الاقتصاد السياسي، التنظيمات البشرية (السوسيولوجية) و النظريات السياسية و الإجابة عن هذا التساؤل يجب أن يكون جدي و من هنا يمكن أن نأخذ أمثلة بسيطة من التاريخ البشري فبسبب سقوط تفاحة اكتشف نيوتن قانون الجاذبية و بسبب زيادة الضريبة على الشاي المستورد من طرف المستوطنين في أمريكا تولدت الفكرة الاستقلالية و تأسست بذلك أقوى دولة في العالم لحد الآن، و بسب عمليات إرهابية ضد برجي التجارة العالمي في نيويورك بتاريخ 11/09/2001 دخل العالم صراع تحالفات جديدة و تم الإعلان عن حرب عالمية طاحنة ضد الإرهاب و تمت غزو العراق و بسبب حرق تاجر خضروات في مدينة لم يسمع بها أحدا من قبل في جنوب الجمهورية التونسية إنهارت أنظمة ديكتاتورية عتيدة و تخيرت جغرافيا العلاقات الدولية. فالأحداث البسيطة تؤدي بنا أحيانا إلى سلسلة من الأحداث لا يمكن تصورها و لعل أبسط مثال يلخص هذه المسألة هو كالتالي « القطرة التي أفاضت الكأس ».    

من جهة أخرى يجب أن نعي أنَّه أيا كانت الأزمة التي ستحل بمجتمع معين سيكون لديها أثر على العلاقة التي هذا المجتمع بنظامه السياسي و الاقتصادي سواء بمنظور إيجابي أو سلبي و لقد أشار إلى هذا المفكر و الكاتب الفرنسي جاك أتالي في مقال له حول تداعيات أزمة الكورونا و الذي التقطته العديد من الصحف العالمية أي كتب « يمكن أن نشير إلى أمثلة أخرى و سنرى أنه، كلما حطم وباء معين قارة معينة، تنزع المصداقية عن منظومة المعتقدات و التحكم، التي لم تستطع منع وفاة و هلاك الكثير من الناس؛ لهذا ينتقم الباقون على قيد الحياة من حكامهم و أسيادهم، لإحداث تغيير جذري للعلاقات السلطوية »[v] 

———————————

  يتبين لنا مما سبق أن لكل أزمة تداعيات و نتائج و بما أن هذه الأزمة عالمية ستتبعها تباعيات لا تقتصر على قارة بعينها و لا على إقليم معين بل على العالم ككل و يعتبر العالم الحالي قائم على مبادئ معينة أشرنا إليها مسبقا في المنظور الاقتصادي، لكن يبقى الشق السياسي ذو أهمية قصوى حيث تتسم العولمة في إطارها التقليدية على مبادئ رسمت أركانها على إثر الحرب العالمية الثانية و بالأخص على إثر مؤتمر بريتون-ودز (Bretton-Woods)[vi] و لإتفاقية هذا المؤتمر أهمية بالغة لأنه و من خلالها تم إعتماد الدولار كوحدة تعامل مالية عالمية رغم أنه كان هناك رأي مخالف للعالم الإقتصادي الشهير جون ماينار كاينز (John Maynard Keynes) الذي إقترح عملة دولية و هي البانكور (Bancor) و هي فكرة أخذها بالأساس من عالم إقتصاد بريطاني ذو أصول ألمانية و هو فريدريك شوماخر ( Friedrich Schumacher)  - لكن و بسبب الأوضاع العالمية أنذك تم إعتماد فكرة الأمريكي هاري ديكستر وايت (Harry Dexter Xhite) الذي فرض فركة معايير التبادلات بالذهب (Gold Exchange Standard) و هذا بموافقة 44 ممل لمختلف دول الحلفاء.

لقد كان هذا الملتقى بداية للعالم الجديد و من خلاله تأسس المؤسسات العالمية مثل صندوق النقد الدولي (FMI) و كذلك بنك التنمية العالمية و الذي تحول فيما بعد إلى البنك الدولي و لقد من المنتظر كذلك التأسيس لمنظمة عالمية تعني بالتجارة العالمية لكن بسبب خلافات داخلية لم تعرف هذه المنظمة اليوم لكن لمن يمنع ذلك بعض الدول للتأسيس لإتفاقية التجارة الحرة (GATT) و التي تحولت فيما بعد القاعدة التي تأسست عليها منظمة التجارة العالمية في 1994. هذا يبن أنه عالم جديد سواء في تنظيمه الاقتصادي أو في شقه السياسي مع تغير موازين القوى العالمية و الذي استطاع العيش و التغلب على كل الصعاب لغاية يومنا هذا و هذا و النظام الذي يمكن أن يتغير كليتا.


[vi] Les accords de Bretton Woods le 1er au 22 juillet 1944 aux USA

 



Ressuscitons Camus

 

Camus et l’Algérie c’est l’exemple typique de la vie d’un algérien qui ne se renie jamais, le prodige de cette terre méditerranéenne est le reflet merveilleux de du soleil algérien et de sa beauté qui à temps inspiré celui qu’on surnomme « le renégat » ; celui qui a renié sa terre et ses principes pour défendre une personne pour la simple raison qu’elle est sa mère. Celui qui a rejeté les siens et qu’il ne leur a pas réservé une place dans ses chefs-d’œuvre et ce qui prouve qu’il n’est pas un écrivain algérien. Ce réquisitoire anti-camus ne m’a jamais convaincu, car pour la simple raison de voir son portrait, ses images et son regard, mon esprit active instantanément ses anticorps, contre cette idée reçu sur l’auteur de l’étranger pour pousser l’inconscience à revisiter l’Histoire et relire Camus tel qu’il était et non-pas tel qu’il a été décrit et diffamé.

Né en 1913, Camus était déjà nié dans son existence, car pour les indigènes il est l’envahisseur et pour les conquéreurs il est un ‘pauvre et miséreux pied noir’. Mais personne ne s’y intéressé à la vision d’Albert sur lui-même. Camus par contre se voyait comme le résultat de toute l’Histoire algérienne, c’est l’enfant né d’une relation illégitime selon les dogmes de l’époque qui ne voyait aucun horizon pour l’algérien à part d’être un pied noir ou un indigène musulman mais jamais « un algérien » qui aura la capacité de réconcilier toute les péripéties d’une terres traversées par des siècles de malheurs. On a temps voulu obligé Camus à être sur l’un des deux côté, on a tant voulu qu’il soutient les extrêmes, hélas rares sont ceux qui se sont rejoints à son côté à lui ; celui de la paix, de l’égalité, de la liberté et de l’humanisme.

L’Algérie et la France auraient tout à gagner dans la feuille de route de Camus, sa feuille de route il l’avait décrite, défendu depuis sont très jeune âge dans ses écrits, qui défendaient ses « compatriotes musulmans » et contre l’idéologie coloniale qui refusait d’admettre son mépris vis-à-vis des aspirations populaire « du peuple français d’Algérie » ; ceci peut répondre à un autre grand écrivain algérien en l’occurrence Kateb Yacine qui avait dit que l’indigène ne ressort pas dans les écrits de Camus et de facto ce dernier ne peut en aucun cas être considéré comme un écrivain algérien à part entière. La vision de l’auteur de Nedjma, elle est d’ors est déjà réfutée par les simples reportages qu’avait réalisé le journaliste simple et humble du journal « Algérie républicaine » en Kabylie pour réfuter les thèses coloniales de l’époque, se fut ainsi l’un des remarquables écrits qui ont secoué l’opinion publique sous le titre de ‘Misère de Kabylie’ ; dix reportage qui ont magnifiquement décrit la déchirure à venir et la profonde haine qui va s’installer contre un système oppresseur et inhumain. Camus a décrit ses compatriotes indigènes et ressentait exactement leur douleur et dans ses écrits aussi tel que Crise en Algérie, il résume les dernières aspirations d’une élite algérienne pour en finir avec le statut quo ; il a trouvé dans les idées de Ferhat Abas et le Dr Bendjeloul un reflet de lui-même.

Camus n’a jamais voulu que son rêve meurt, que sa vie sois finie alors qu’il avait le remède et il montrait clairement là où les choses ne marchaient pas. Il était persuadé qu’il pouvait sauver son Algérie mais tout le monde l’avait renié ; les français de la métropole le voyait comme l’ami des arabes, la gauche révolutionnaire le voyait comme le faux progressiste pour la simple raison qu’il est antistalinien et pour ses compatriotes indigènes il était le normalisateur et l’indifférent à leur cause.

Retranché dans sa triste réalité, et ayant perdu espoir dans sa cause pour qu’il a milité depuis ses premières plumes le monde avait vu en lui l’éminent écrivain de son époque et il a fallu le distinguer par le Prix le plus prestigieux qu’il n’a d’ailleurs jamais espéré ; Camus désigné pour le Prix Nobel de littérature ! C’était le moment où il pouvait prendre sa revanche et relancer son rêve tout en ayant un pouvoir non-égalé pour faire parvenir sa voix et ses idées qu’il a transcris depuis les années 30, mais les choses ne se sont pas passé ainsi car une journée après « Camus a été assassiné ».

Une journée sans le soleil qu’il a tant admiré, comme la journée où l’arabe a été tué dans son roman l’étranger, le lauréat le plus prestigieux de littérature s’est rendu pour une conférence de presse où un jeune étudiant Kabyle à Stockholm sous le non de Saïd Kessai a décidé de poser la question qui a condamné à mort l’écrivain distingué dans une journée froide et glaciale. La réponse spontanée d’Albert Camus et sa légèreté tant critiqué par Sartre, était digne de l’Algérien méditerranéen qu’il été avec fierté: « Si je dois choisir entre la justice et ma mère je choisirai ma mère » et tout d’un coup la balle est lancée et rien ne pouvait l’arrêter.  L’étudiant Kabyle ‘Saïd Kessai’, a avoué qu’il n’a pas lu Camus avant de poser sa question ce qu’il emmené des années plus-tard à dire que Camus n’avait pas tords et que son intention n’était en aucun cas de renier sa terre algérienne et ses humbles gents pour qu’il a tout donné et de ce fait, l’étudiant Kabyle est aller même à reconnaitre que Camus était un Kabyle comme lui ; Saïd n’avait pas lu Camus, comme la majorité de ceux qui le condamne à mort jusqu’au jour d’aujourd’hui.

Au final l’Algérie en tuant Camus c’est elle-même qu’elle mit à mort et ce n’est qu’en donnant une autre vie à Camus que l’Algérie renaîtra encore.

 

Adeni 01-04-2020

1-      https://www.youtube.com/watch?v=f7sGSSEXi2o (Intervention de Michelle Onfray sur son livre sur Albert Camus.



Critique sur l’organisation socio-politique Kabyle sous la lumière de la crise du Covid–19

 

Suite à la situation que vit le monde actuellement à cause de la pandémie du Covid-19, plusieurs pays, société, villes et régions du monde ont prit des mesures pour contourner la propagation du virus en essayant d’adopter des démarches qui vont leur faire éviter des hécatombes ; telles que vus en Iran, en Italie ou en Equateur.

Par ailleurs, la société Kabyle avec son organisation ancestrale qui a présenté un modèle très efficace depuis des millénaires, prend elle aussi la question au sérieux et elle essaye elle aussi de s’organiser et de trouver des solutions à diverses problématiques sociales, économiques et sanitaires. Mais ceci ne doit pas d’un autre côté être présenté comme un modèle sans failles et une organisation idéale, mais bien au contraire. Il faudra qu’on montre les vraies questions où les choses ne marchent pas, pour présenter des idées plus efficaces et faire face à la situation ; cette démarche se base sur une critique objective et constructive qui vise à repenser notre plan d’action en Kabylie.

A partir de là, ma critique se base sur mon vécu et mon observation sur le terrain en ayant fait le tour de plusieurs régions notamment dans la wilaya de Tizi Ouzou où j’ai remarqué constamment la présence de barrages filtrants dans tous les accès menant aux villages. Le caractère improvisé de la situation, et l’incohérence complète de la démarche avec l’objectif visé engendre plusieurs problématiques et questionnements ; En premier lieu, on observe sur ces accès filtrants et qui ont pour objectif de stopper la propagation du Coronavirus, des dizaines et des vingtaines de citoyens entassés devant un spectacle inédit, on sent clairement que pour ces pauvres citoyens, que la situation n’est qu’un événement qui n’a en aucun cas relations avec une question « épidémiologique » mais tout simplement une journée de volontariat générale. Le comble, c’est que ces individus regroupés autour des ces points de gardes ne sont munis d’aucun outils de protection ni même appliquant des pratiques et des mesures de prévention ; c’est juste une situation ahurissante.

Pire encore, l’organisation se base sur des décisions arbitraires et complètement sans importance et à titre d’exemple on retrouve plusieurs accès complètement fermés et ainsi on pénalise des milliers de citoyens qui devront faire des détours de plusieurs kilomètres pour arriver dans leur lieu de domiciles sans aucune autre considération, ceci appel déjà au mécontentement de certains villages sur d’autres, une situation qui risque d’exploser à tout moment. Ces accès en question ne sont autorisés qu’aux ‘riverains’ -les citoyens du village-, qui sont eux autorisés à condition que leurs véhicules subissent une opération dite de « désinfection » qui n’est en réalité qu’une action de lavage simple de l’extérieur mais avec des conséquences des fois dures à gérer, car à mainte reprises des situations tendues entre les villageois et les organisateurs se sont éclatés à cause de l’utilisation excessive du chlore et de l’eau javel qui abîment sévèrement les véhicules.

En deuxième lieu, la question de légalité et de la légitimité commence sérieusement à poser problèmes car dans plusieurs villages faute d’absence d’un comité de village établi ou bien d’une indifférence totale du comité, on trouve des groupes de jeunes auto-organisés munis de leurs humbles et sincères volontés se retrouvent à légiférer des règles sans aucune prise en compte des schémas démocratiques et prennent des initiatives dans lesquelles des décisions sont faites sans le consentement et le respect des avis de la communauté, ce qui cause des dépassements qui  sont des fois très violents entre les citoyens. Pire encore, on retrouve des cellules de crises sans la moindre compétence et savoir faire pour gérer ce genre de situations et ils prennent des mesures presque au contre champs de ce qui doit être fait, et delà j’arrive à ma conclusion au quelle je crois profondément, qui est : – que si nous étions dans une période de forte flux de voyage notamment avec la diaspora à l’étranger la Kabylie n’aurait pas pu tenir avec une telle stratégie que je dois malheureusement qualifiée de folklorique.

En d’autres termes, il y a une gestion très archaïque d’une question qui doit être technique en élaborant une stratégie pour une période donnés avec une cellule de crise non pas constituée d’un groupe de volontaire mais d’un groupe d’individus qui sont en cohérence avec les vraies mesures efficaces en étudiant selon l’actualité les choses importantes à mettre en place. Alors que tout était le contraire ! C’est juste un sentiment d’une volonté profonde d’agir mais pas plus que ça. Car suite à ce qui a été souligné auparavant on peut conclure que les villages Kabyles sont entrain d’agir selon une idée qui résume une crise sanitaire à une question « d’organisation volontaire » mais pas une « stratégie sanitaire aux normes » ; c’est aussi une question de rivalité et de démonstration de force inter-villageoise.

A cet effet, les villages Kabyles doivent réévaluer leurs visions actuelle et essayer de prendre les choses d’un angle différent, qui n’a rien avoir avec le volontariat traditionnelle de nettoyage d’un village ou de quelques actions de solidarité communautaire ou même un festival ou une Tamecret, mais il s’agit d’une nécessite de réévaluation complète de leur système organisationnel pour donner une nouvelle vision à leur organisation sociopolitique traditionnelle, en les modernisant et en les intégrant dans les nouvelles normes démocratiques qui peuvent asseoir une vraie légitimé légale en évitant tout conflit, où certains peuvent être fatales à la pérennité de ces instituions ancestrales comme c’est le cas dans certains village. D’un autre côté, il faut comprendre que les méthodes d’action doivent êtres réévaluer et réajuster en continuité pour s’adapter à des situations qui non rien avec « la débrouillardise ».

 

Adeni



أكـــذوبـــة يـــوم الــــــعلم

  قَررت أَن أَعود بمَقَال بَسيط حَول مسألة يوم العلم المزعوم في الجزائر، لأنني دائما ما أرى جملاً تَمس بالمنطق العقلاني لمواطنينا و تثير في نفسية كل عاقل يسمعها إحساسا في أنه يعيش وسط عصور ولت أين كان الجهل يقبع أواسط العامة و نحن في زمن التكنولوجيا المعلوماتية التي تُتيح لَنا أَن نَرَى و نَتَعَلم مَا لم يكن بإمكان أي إنسان قبلنا. تتمثل هذه الجمل في مثال بسيط ألا و هو أن « جمعية العلماء » قضت على الخرافات و ساهمت في إرجَاع الدين إلى أصله و قَضَت عَلى الجَهل، و لاَ أُريد أَن أَتَطرق إلى مَسأَلة الخُرَافَة القَائلَة أَنَّ جَمعية العُلَمَاء رَبَّت جيل الثَّورة في هَذا المَقَال، لأَنني أُريد أَن أَبقَى فِي الشَّق العِلمي للمَسْأَلَةِ و فَقَط.

ما يجب أن يعلمه و يدركه المواطن البسيط المغلوب على أمره و المحشو بأفكار التلفزيون العمومي الجزائري و المدرسة الجزائية هو أن « جمعية العلماء المسلمين » ليست كما يتصورها، و هذا بسبب وجود كلمة علم في تسميتها، فمعظم أعضائها كانوا من طبقة بورجوازية دينية و كانوا عظات في المساجد و أما الأناس الذين قضوا على الجهل و الخرافة هم علماء يشهد لهم التاريخ بذلك و هم ليسوا بالأساس مسلمون بل علماء يؤمنون برسالتهم الإنسانية و العالمية و ليست فقط لأصحاب دين معين.

  لنبدأ إذا، يجب أن نعلم أبناءنا من هم العلماء بالمعنى الحقيقي للكلمة و مِنهم غاليليوا غاليلي الذي قلب الموازين و قَابل الكَنيسة بِكل شَجاعة ليَلقي بالخرافة أن الأرض مسطحة عرض الحائط رغم كل العراقيل و المخاطر التي تعرض لها، يجب التذكير كذلك أنه و في زمن معين لم يكن ممكنا لشخص أن يمتلك كتابا و كانت المخطوطات شحيحة جدا مقارنتا بتعداد السكان فكان جهل الناس بالعديد من جوانب الحياة شاسعا إلى أن أتى نورمبرغ و اخترع آلة الطباعة ليسمح لملايين البشر أن تتمكن من اقتناء الكتب، لتتطلع بنفسها على أمهات الكتب من العلوم و المعارف، من هنا أجد نفسي ممتنا أكثر لغوتنبرغ. هل نسينا لفوازيه ؟ هل نسينا ديكارت ؟ كيف أصبحت بلادنا تقدم أناس لا علاقة لهم بالعلم على أنه « علماء أجلاء » و بوصفهم بكلمة « علامة » و هم لا يتكلمون إلا لغة واحدة و ليسوا مختصين إلا في الدين الإسلامي و حتى كتب الديانات الأخرى لم يقرؤوها و لم تتطلع أعينهم يوما على فلسفة فريدريك نيشه، إيمانويل كانط، باروخ سبينوزا، هيغل، جاك ديريدا، برتراتند راسل، شوبنهاور، ميشال فوكو، كارل ماركس و حتى لأبسط الكتاب في الأدب العالمي و أي مجلة عامة في علم من العلوم التطبيقية و الطبيعية. لكننا و للأسف نراهم في التلفزيون الوطني يقدمون على أساس أنهم علماء و هم ليسوا إلا رجال دين لا يعرفون إلا قراءة البخاري، صحيح مسلم، الترميذي و غيرهم ممن تلقف الأخبار و لا يعرفون أن العالم استحدث تقنيات لمعرفة التاريخ بأدوات علمية حديثة. هل كل هذا لا لسبب إلا لأن من تمت الإشارة إليهم هم من ما يسمى بالحضارة الغربية ؟ من هنا أليس هذه عقدة التخلف ؟ متى سنقضي على مثل هذه الذهنيات …

  رغم كل التعتيم على العلماء الذين يجب أن نلقبهم بذلك يجب علينا مها كلف الثمن يجب أن نذكر أبناءنا بما قدمه الزوج بير و ماري كوري من استحداث للراديوقرافية حيث طوروا أعمال العالم الفزيائي هنري بيكرل حول اكتشافاته للأشعة النووية و اليوم أصبح بفضلهم علم الرايوغرافية يمنح للأطباء رؤية الآثار الخطيرة التي تسببها الكسور و بعض الأمراض، لينجي بذلك ملايين البشر من الهلاك. كما يجب أن نذكر أبناءنا و مواطنينا كذلك، بالدانمركي ديفد بور المتحصل على جائرة نوبل في 1922  من أجل أبحاثه في تركيبات الذرة و الأشعة التي تطلقها ليفتتح مجال عميق من معرفة الإنسان بالمادة. علينا أن نصرخ عاليا لنقول أن الذين قضوا على الخرافات ليس العربي تبسي و الورتيلاني فأفكارهم و مع كل احترامي لشخصيتهم تعود للقرون الوسطى و لا مجال لها في وقتنا الحديث، فعلينا إذا أن نعلم أبناءنا أن العلماء هم من طِينَةِ فْرِيدْرِكْ بَاتِنْغْ و رِتْشَارْدْ مَاكليود اللذين اكتشفا الأنسولين و منحوا الحياة لملاين من البشر و عمقوا مفهومنا لمرض كان مستعصيا للبشرية.

 كذلك و لكي أكون أكثر استفزازا، فالعالم ليس بالشيخ فركوس و السديس و ابن باديس، لأن صفة العَالِم تُقدم لأمثال الياباني يوشينوري أوسومي الذي قام بأبحاث جد دقيقة لمسألة تجديد الخلايا. يمكن أن أكمل هكذا بدون انقطاع لأتكلم عن ما طرحة الفيزيائي ستيفان هوكينز في أصل الكون، كذا ما قدمه آينشتاين لفهم ميكانيزمات سيرورة الكون، كما يمكن الكلام عن نيوتن و أعماله على فهم الضوء و الجاذبية و ليتبعه بعد ذلك توماس أديسون و غيرهم من العلماء الأجلاء من أمثال ريتشارد داروين و ريتشارد داوكينز؛ هؤلاء هم العلماء و أسماءهم محفورة في سجلات الجامعات و المخابر العالمية و قوائم جوائز نوبل، فلا أستحي لذكرهم سواء كانوا من ملحدين أو من دين معين لأنني أرى فيهم أناس قدموا لنا ما لا يمكن أن نقدره بثمن.

 عَلَينَا إذا، أَن نَخْرجَ من العَفَن الفِكري الذِي نَحن نَعِيشه، عَلينا كَذلك أَن نُسقط الردَاءة عَلى مخَيلات أَبنَاءنَا وَ شَعبنَا، عَلَينَا أَن نُنهي الخُرَافَة بأَن العُلمَاء هُم من يجترون كتب تحكي قصص لا أهمية لها و لا نفع و مجلدات تُكرر أحداث لشخصيات تتحدث عن نزاعات فردية و حروب تافهة. عَلينا أَن نَقول أَن العلم هُو فَهم للوَاقع بالمَنطق و استعمَال التجربَة و الملاحَظة و أَن يَكُون الفَرد خلاَّقًا لشيء جديد يفيد بها نفسه و من حوله لفهم الدنيا و الوجود. علينا أن نثور إذا ضد هذا التحجر الذي يقدم لنا أناس بالعباءة و العَمَامَة كَأنهُم « أَصْحَابُ عِلم » فَكَلاَّ، فَهُم لَيسُوا إلاَّ أَفْرَادً يمكن أن نُكن لهم الاحترام كما نكن ذلك لأي إنسان لكن لا نقدم لأفراد منْزلَتًا لَيْسَت لَهم.



إيدير، الفنان الانساني

إيدير الفنان الإنساني

idir-02-768x806

   رحل عنا إيدير و لن نستطيع أن نرد له الجميل بأن ندفنه كما ندفن أبطالنا و عظمائنا، رحل عن الشعب القبائلي من رفع فنهم إلى العالمية و أخرج الزخم الحضاري الأمازيغي إلى النور و انتزعه من الخوف الذي دام لقرون و استطاع الفرد القبائلي أن يقول و بدون أية إشكالية أنه قبائلي أمازيغي و أن حضارته إنسانية في بعدها، سلمية في فلسفتها و عميقة في مفهومها. لقد كانت ترنيمات إيدير ترمز إلى حقيقة شعب أُرِيدَ بِهِ أَن يكون مَسجونا لمفهوم فكري تسَلُّطي رَجعي و مُعادي للمبادئ الإنسَانية الحَديثة في كُل مَدلولاَتهَا من تَسَامح، كَرَامَة، حريَّة، سَلاَم  و مسَاواة. لَقد رَحَل و لَكنه أَنهى مُهمته بِكل فَخر و استَطَاع بهدوئه و شَخْصية العَميقة أن يوصل رسالته إلى العالمية، لتكون رسالة حضارية تحمل مأساة لشعوب تم التعتيم عليها و على ثَقافاتها و لُغَاتها و حُبِّها لِلحَيَاة و عِشْقها للسَّلام و الحُرية لِيكون بذلك إيدير مدرسة فنية و قامة ما قامات الفن العالمي الإنساني.

 تركنا الفنان إيدير في الوقت الذي كننا بأمس الحاجة له، رحل و لكنه ترك ذاكرة لا يمكن لأي فرد إنساني تَعرَّف عَلى أغَانيه و مدلولاتها أن ينساه بسهولة. إيدير، عرَّفنا عَلى معنى الحَياة و معنى الحب و السلام؛ إنسان هادئ و حكيم و كلماته تحمل معاني إنسانية عالمية. إيدير هو رمز للحياة بكل جوانبها و رمز للوجود بكل ما تحمل الكلمة من عمق في مدلولها، فترك ورائه إرثا كبيرا ستتذكره الأجيال القادمة و سيبقى أثره في التاريخ القبائلي كحلقة من إسهام فني في الإرث العالمي الإنساني.

 اليوم ترحم العالم كله على هذا الفنان الإنساني و سيتذكره إلى الأبد، رحل بهدوء كما عاش هادئا في موسيقاه و فنه و كتاباته و تَعَاملاته. لكن الكثير يتأسف لموقف القطيع الهمجي المنتمي للفكر الرجعي الظلامي، الذي يُعَلق بكل وقاحة على وفاة الفنان الإنساني، الشيء الذي لا أعتبره أبدا مهما بالنسبة لي، فالتاريخ الإنساني سيتذكر إيدير و لن يتذكر « القطيع » و لا يمكن لأحد أن ينتظر من أعداء الحياة أن يقفوا بجانب عشاقها فإدير قبل أن يكون فنان فهو مناضل من أجل « قضيته الإنسانية » التي لا يتقبلها الهمج الذين يفكرون بنفس أسلوب عصور الظلمات.

 لقد لعب إيدير دورا مهما و بدون أي منازع في القضاء على فكرة السمو الثقافي لعنصرية الفكر العربي الإسلامي المتعصب و الإقصائي، المنبثق من البعث و الحركة الإخوانية الإسلامية الإرهابية  في الجزائر، أين كانت هذه إيديولوجية تهدف إلى اغتيال الإرث الحضاري في شمال إفريقيا كليتا و نهائيا، ليأتي إيدير في أوج قوة هذا الفكر الشمولي بتحطيم الصنم و رفع الإرث الحضاري المهدد بالزوال إلى العالمية برمشة عين. فلهذا لن يغفر له أبدا هؤلاء الذين لا يحبون في الفن إلى ما يدعو للقتل و الإرهاب.

سيبقى إيدير إذا، روح سلام في وسط زوبعة من أنصار رافعي طبول الحروب و الدماء و سيستمر أثره في التأثير على التاريخ، فشكرا لك لكل ما قدمته لنا و لترتاح روحك بسلام ليعود جسدك إلى الطبيعة التي تعشقها لأن الطبيعة ترمز للحياة و ما المَوت إلاَّ مرحلة منها و سيبقى في ذاكرة كل واحد منا.

عدني بتاريخ 05/05/2020



قــرماح و ميــلاد الــوعي القبــائــلي

téléchargement

في مثل هذا التاريخ الموافق ل18 أفريل 2001 تم اغتيال الشاب قرماح ماسينيسا محمـد في داخل مركز للدرك الوطني في مسقط رأسه ببلدية آث دوالة، هذه الحادثة المأساوية كانت بالإمكان أن تكون حادثة عابرة لو كان هناك إرادة حقيقية من طرف الدولة الجزائرية في القيام بتحقيق مشرف و محاسبة المسئولين عن وفاة طالب في الثانوية و تقديم اعتذار نيابة عن الجهاز الأمني و تحقيق العدالة. ففي الوقت الذي صدمت فيه كل بلاد القبائل لهذه الحادثة المأساوية كان هناك صمت و ترقب لما ستعلن عنه السلطات العليا في البلاد، لكن من المؤسف أن موقف الدولة كأن شيء لم يكن و هذا ما استعدى سخط الشارع القبائلي ليكون هناك رد من طرف وزير الداخلية آنذاك نوردين يزيد زرهوني الذي صرح أن هذا الشاب يعتبر « Un voyou » فكان هذا إيذانا لسخط الشارع بشكل لم يسبق له مثيل. ليكن بذلك هذا التاريخ إيذانا لحلقة مفصلية في تاريخ الشعب القبائلي و انطلاقتا لم يسبق لها مثيل في تاريخ هذا الشعب الذي آيل على الزوال و الاندثار فالألم أحيانا يولد الوعي، و بداية لميلاد الوعي القومي القبائلي بعد قرون من الذل و التبعية.

  كانت حادثة اغتيال الشاب قرماح تبدوا في البداية حادثة يمكن أن تحدث في أي مكان في العالم، لكن التاريخ يقر أن الأحداث البسيطة يمكن لها أن تولد صفحة جديدة من التاريخ البشري. فـفي 2011 و بعد إحراق الشاب البوعزيزي نفسه بالنار في الجنوب التونسي تغير وجه العالم و سقطت أنظمة سياسية دامت لعقود و ضربت العالم بإعصار غَيرت مَوازين القوى العالمية في الشرق الأوسط بأكمله، كانت كذلك حادثة روزا بارك التي رفضت الوقوف لِجُلوس رجل أبيض في حافلة في بداية الستينات بالولايات المتحدة الأمريكية انطلاقتا لأكبر حركة سياسية للسود الذين كانوا يرزحون تحت نير العبودية و القهر كما كان كذلك ما يمكن أن نصفه بتصرف طائش لشاب راديكالي أطلق النار على ملك في سرايفو بداية لحرب عالمية غيرت العالم بدون رجعة. فالحوادث البسيطة يمكن أن تنتهي بتغير مصير شعب أو شعوب بأكملها، ليخرج إلى السطح كل ما كان خفيا و كل الآلام التي اختُزِلَت و سيكون للمثل القائل « القطرة التي أفاضت الكأس » معناها الكامل.

  لقد خرجت بلاد القبائل في 2001 من عشرية فقدت فيها نخبَتها على يد الإسلاميين المتطرفين، بِدَايَةً من السياسي و الاقتصادي رشيد تيقزيري إلى الصحفي الكاتب طاهر جاوت، إلى الصحفي المناضل سماعيل يفصح، مرورا بالعالم البروفيسور محفوض بوسبسي، المناضلة النسوية نبسلة جحنين و المغني و الشاعر معطوب لوناس و غيرهم. فكان هذا بحد ذاته يشكل أزمة ثقة كبيرة بما كان يحمله النظام السياسي من مسؤولية في الوصول إلى مثل هذه الوضعية و هذا كان سببا في حد ذاته من فقدان أي علاقة تقرب الدولة بمؤسساتها مع بلاد القبائل و لم تكن لوفاة شاب تم اعتقاله بعد خروجه من بيته أين كان يحضر لامتحان شهادة الباكالوريا بوابل نيران حية أن تمر بسلام أبدا، في منطقة لا تعترف بشرعية النظام السياسي منذ الاستقلال في 1962.

 إن الرمزية التي كانت تحيط اغتيال قرماح ماسينيسا كبيرة جدا فمن جهة كان اغتياله قبل يومين من الاحتفالات بالربيع الأمازيغي 20 أفريل 1980 بعد منع محاضرة الكاتب مولود معمري و التي تبعتها أحداث كبيرة في كل من بلاد القبائل و العاصمة و من جهة أخرى كان قرماح ينحدر من نفس بلدية المناضل الأمازيغي الرمز معطوب لوناس في 1998 أي قبل 3 سنوات فقط و كانت الحادثة لم تلتئم بعد و لغرابة القدر كانت عائلة معطوب الوناس في مخفر الدرك الوطني في لحظة اغتيال الشاب و الذين كانوا هناك في إطار التحقيقات الجارية على قضية معطوب. فهذه الرمزية كانت هي كذلك تشكل عمق الأزمة التي يعيشها الشعب القبائلي من إحساس في العيش في بلد يعتبرون فيه مواطنون درجة ثانية.

انطلقت الاحتجاجات بعد تعنت السلطات و كان المواطنون لا يطلبون بشيء عظيم، بل على الأقل اتخاذ الأمر بمحمل الجدية. لكن لا جدوى، فتأزمت الأوضاع و تعالى الرصاص الحي على المتظاهرين و يتم فرض القوانين العسكرية في المنطقة كلها ليتم اعتقال أطفال من المتوسطات من داخل أقسامهم و يفرض الحصار الأمني و الإعلامي على كل بلاد القبائل أين أعتكف الإعلام الرسمي على تأجيج الرأي العام خارج منطقة القبائل ضد شعبها و كان لزاما إذا أن يكون هناك تنظيم ذاتي بدون الاعتماد على من يشاركوننا نفس الجنسية، أين جلس الكل يشاهد مشاهد الاغتيالات اليومية، بدون أية ردود و لكنهم كانوا يتألمون في نفس الوقت بما كان يحدث في فلسطين إبان الانتفاضة الثانية. كل هذه الصور لم تأثر سلبا في النخبة القبائلية التي حاولت تنظيم الاحتجاج الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ المنطقة بعد حرب التحرير لتولد « بأرضية القصر » في 14 بدًا و أين أظهرت بلاد القبائل أهدافها: من حرية إعلام، ديمقراطية، عدالة اجتماعية و غيرها من النقاط التي أرادتها الأرضية أن تكون وطنية شاملة لكل ربوع الوطن، فكان بإمكان ذلك أن يقرب 22 فبراير 2019 بعشرون عاما إلى الوراء، لكن و للأسف بالنسبة للجزائر :أن شيء لم يحدث.

  تسايرت الأحداث و بدا الزمن كأنه توقف في العديد من المدن و القرى القبائلية و كان الحزن يخيم في كل مكان، فلا توجد عائلة ليست لهذا علاقة بالمأساة، سواء جريح على فراش الموت أو بإعاقة أبدية، أو أم تلقت وابل من الرصاص في بطنها داخل متجر و ابنتها برفقتها، أو مع أب اغتيل و هو جالس بضربة قناص ليترك أبناءه وحدهم. كان الخوف مخيما على مستقبل مجهول و كان رجال الدرك يقومون بدوريات لإطلاق الرصاص الحي و تخويف الأهالي و كما قاموا برمي تمثال عبان رمضان في مسقط رأسه بالرصاص الحي و هذا لديه مدلولات و رمزية عميقة، فكان الكل يتساءل فيما إذا ستتحول المشدات إلى حرب مسلحة أين وصل الحد أمام ببعض الشباب بالدفاع عن هذا الطرح. دخلت بلاد القبائل كلها في ظلمت دامسة و كانت كل المرافق العمومية بدون تهيئة كأنه عقاب جماعي على شعب متمرد، انهار كل شيء و أصبح الأمن بيد المجرمين الذين منحت لهم كل الصلاحيات من طرف الأجهزة الأمنية و كان لهم أن يقوموا ما يشاءون من سرقة، التطفل على حركة العروش، تهديد ممثلي القرى، ضرب و اختطاف النشطاء في المجتمع المدني، الاستيلاء على الأماكن العمومية، التحكم في عمل الهيأت الإدارية حيث كانت الأداة الوحيدة لإركاع الشعب القبائلي و تنظيمه المحكم ضد النظام و بدأت بذلك عشر سنوات من تحطم كامل لكل شيء في بلاد القبائل.

  بهذا كانت النهاية بميلاد وعي نهضة قبائلية، أنه على كل شعب أَنْ يتكل على نفسه و عدم الانتظار لمساعدة أحد و لا يمكن أن يتحقق هذا إلا إذا امتلك للشعب القبائلي مؤسسات و هيآت مستقلة عن الحكومة المركزية و يمتلك جهازا أمنيا يتحلى بروح المسؤولية و يكون مسئولا كذلك أمام القانون و العدالة و يمتلك حكومة محلية ذو صلاحيات أوسع لترقية لغته و ثقافته، و نظاما سياسيا قائم على الحريات الديمقراطية و الفردية و كذا التداول على السلطة و إعلام حر و نزيه و تكوين قاعدة الرقي و التقدم. فكانت اللبنة الأولى بميلاد « الماك » الذي كان آنذاك يطالب بحكم ذاتي في إطار الدولة الجزائرية قبل أن تصبح أفكاره أكثر راديكالية في الطالبة بالاستقلال و أصبح هذا النقاش جاري و الوعي الشعبي يتنامى في رؤية مستقبل شعب يريد الحرية.

لقدت كانت إذا تلك الحادثة مرحلة مفصلية في مستقبل الجزائر المستقلة و اتخذت بلاد القبائل و بلا رجعة نضرة أحادية الجانب بالنسبة لمستقبلها، ليكون الهدف منها أن لا يتكرر ذلك أبدا و لن يصبح شعبها محاصرا و مستهدفا كما حدث و لن يكون ذلك إلا بنقاش عميق و رؤية سياسية ثاقبة حول ما سيكون عليها مستقبلها. ففي نظري الحل الأمثل يكمن في الحكم الذاتي، فلا البقاء في التنظيم الحالي يضمن للقبائلي أمنه و رقيه و لا الاستقلال التام هو الحل و الذي سيجلب مآسي لكل الأطراف لن يخرج منها أي طرف منتصر.



كيف أرى الأنثــى ؟

egalitehfكيف أرى الأنثــى ؟

قررات أن أكتب شي ء مختلف عما يجول في الساحة في أيامنا هذه لأنه بعد كل شيء ستمر هذه الوضعية ليولد تاريخ جديد و صفحة جديدة من تاريخ البشرية و من هذا المنطلق سنعود لا محال إلى مناقشة المسائل العالق؛ لفلسفة الإنسان، لرؤيته للحياة، لمفهومه للحرية و نضاله من أجل البقاء لكن ارتأيت أن أكتب عن شيء مهم جدا في مجتمعنا ألا و هو موضوع الأنثى. لقد اخترت كلمة الأنثى لما له من دلالات في مخيلة الفرد في مجتمعنا الجزائري بدل كلمة  »امرأة » الذي يحصر النظرة في صورةْ شَخصية ربَّة مَنْزل أو عَامِلة نَاضجة و مَا إلى ذَلك مِن نَوَاحي الحَياة اليومية، فكلمة الأنْثى هي التي تَحصر الطَّبيعة الأنثوية منذ قبل الولادة إلى غاية المنية لأن مشكلة تصوراتنا هي مع هذا الشخص الذي يمتلك جهاز تناسلي أنثوي و ليس فقط مع المرأة الكاملة النُّضج.

فَكَيف إِذا أَرى الأُنثى بِصفتي رَجل، في مُجتمعِي القَبائلي بِصِفة خَاصة و مُجتمعي الجَزائري بِصفة عَامة ؟ لَكن قَبل سَرد الإجَابة عَن هَذا السؤال يَجب أَن أشير إلى أن فكرَتي لَم تَكن نَفسها كَما كَانَت عَلَيها في صغَري حَيث أَن فكرَة رُؤيتي للأنثى يُمكن أَن ألخصها في حادثتين عشتهما و كليهما تعودان إلى سنوات الدراسة في الابتدائي حيث كانت هناك طفلة أحبها و مغرم بها و هي كذلك لكن ليس هذا هو الأهم ففي يوم من الأيام قام زميلين لنا في القسم بكتابة رسالة حب لهذه الطفلة و وضعوها في صندوق البريد الغير بعيد من مدرستنا و من هنا و بعد مرور ساعي البريد قرأ الورقتين و وجد فيهما اسم الطفلة و أخبر بذلك أولياءها. في اليوم الموالي أتت الطفلة المسكينة برفقة أمها في و أخبرت المعلمة، لتبدأ بَعد ذَلك حَملة الاسْتِجواب الذي لَا يَقل وَحشية عَن مَا كُننا نَقرأه عَن التعذيب في زَمن الاستعمار الفَرنسي فكان الضرب و الشكوك تحوم على كل الأولاد و كنت وقتها خائفا بشدة لأنني أحب تلك الفتاة و كنت متخوف أن يكون هناك شخص عالم بذلك من خلال نظراتي لها أو جلوسنا مع بعض في القسم. لكن بعدما فشل الاستنطاق الأولية، لجئت المعلمة إلى مقارنة خط كل واحد منا و في نفس الوقت كذلك حامت الشكُوك عَلى الفَاعلين الحَقيقيين بسَبَب أَحَد التلاميذ في المدرسة و تم التأكد منهم بعد مقارنة الخط كأننا في مشهد بوليسي مستوحى من أفلام الأكشن فكان ذلك إيذانا بحصة تعذيب نفسية و جسدية أمامنا جميعا و لازلتُ لغاية يومنا هذا أتذكر وجه أحد الزملاء المُجَرَّمِينَ و هو يصرخ تحت التعذيب. كان هذا دَرسا لي لِكي لَا أُعبر أَبدا عن حبي أو حتى أن أقوم بحركة توحي بإعجابي بتلك الطفلة، رغم أنها كانت هي كذلك معجبة بي لكن لا أمل لكل هذا، لأن الحادثة أْملَت علينا شروط المجتمع التي يجب إتباعها.

مثل هذه القصة يمكن أن أسرد منها العديد و سُرد لي العديد كذلك من طرف أناس من جيلي أو من الأجيال التي سبقتنيي، لتكون هذه الأحداث نظاما تنظم العلاقات بين الذكور و الإناث ليعيش كل واحد منا في عالم مختلف عن الآخر ويكون أفكار خاطئة عن الآخر فلا البنات تلعبن مع الذكور و لا الذكور يلعبون مع الإناث و لا للذكر أن يُعَبر عَن مَشاعرهِ اُتجاه من يُحبها و لاَ للأُنْثَى أن تُعبر عَن عَواطفهَا للذكَر فاصطَنَعَ كُل وَاحد منَّا صورةً نَمَطيَّة عَن الجنس المُخْتَلف عنَّا، صُورة نمطية مليئة بالأحكام المسبقة و المفاهيم الخاطئة و المغلوطة. لكن ما يثير تخوفي أكثر هو وصول الإنسان إلى الدعوة نحو فصل تام بين الجنسين في كل المراحل الدراسية و حتى الحركات النسوية الراديكالية عوض العمل على تصحيح مسار العلاقات بين الطرفين أصبحن ينادينا بنفس النَّمَاذج التي ستكون علاقات متأزمة بين الذكور و الإناث لتصبح الذكورية في القاموس « النسوي » مرادفا للدكتاتورية و لتصبح الأبوية كذلك نظاما اجتماعي يجب القضاء عليه و إن لخصنا هذه المسألة سنقول أنه علينا أن نمحو الذكر من الوجود و فقط.

من هذا المنطلق كان مهما لي أن أسرد هذا الشق الأول من المقال، لإظهار مثال بسيط عن كيف يتكون الفرد في إطاره الاجتماعي ليصبح هذا التكوين مؤثرا على نفسية الإنسان في تعاملاته اليومية، لكني و لحسن الحظ لم أقبل هذه الوضعية التي فرضها علي مجتمعي. حيث استطعت بعوامل اجتماعية أخرى أن أنتقد ذلك النظام الذي كنت أعتبره مقدسا في محيطي و تغيرت نظرتي تدريجيا نحو « الأنثى » و كذا تعاملاتي معها و قناعاتي عن طبيعتها و إنسانيتها و مفهوم الروابط التي تجمعني معها سواء كان حَبيبة، زميلة، زوجة، أخت، بنت، أم، من الأقارب أو بصفة عامَّة تلك التي لا أعرفها و التي أشارك معها المجال العام.
تتمثل هذه الرؤية التي توصلت إليها حاليا إلى اعتبار الأنثى كيان مستقل ليس بصفتها أنثى لكن بصفتها إنسان، فلديها بالنسبة لي كامل الحرية في سنِّ البُلوغ فِي اختيار نَمط حَياة مناسب لهَا و لقناعَاتها و لَهَا كُل الحق في أن تُقرر بنَفسها مع من سترتبط في علاقة عاطفية، مهنية أو شخصية و لها الحرية التامة في تقرير مستقبلها في الحياة. لقد أصبحتُ لا أرى الأنثى كَالفرد الذي يُحَرَّمُ عَليه أن يُحب لأَنَّني أَعْلم أنَّه كَما كَانَتْ زَميلتي تُحبني فَابنتي سَتُحب كذلك زميلاً لها في المدرسة، في المتوسط و الثانوية و حتى الجامعة، أعلم أنها كذلك ستعيش علاقة غرامية و ربما خبرات و تجارب شخصية و لا أرى أبدا في ذلك حَراما أو عَيبا أو حتى شيء غير مقبول.، بل عكس ما عشته أنا، فَسُأحاول أن أتفهمها و أشرح لها أن الحياة لها جوانب مظلمة كذلك و أن عواطفها شرعية و لا عيب في ذلك و لكن من جهة أخرى عليها أن تفكر في مسَائل الثقة و المعرفة لتَفادي إشكاليات تعتبر آفات اجتماعية، مع الحفاظ على حقها الطبيعي في أن تعيش عواطفها.

لقد أَصبحتٌ لا أرى المرأة التي ستربطني بها علاقة زوجية على أساس عذريتها أو فِيما إذَا عَاشَت عَلاقة جنسيَّة من قَبل أَم لاَ، فَشَخْصيا لاَ أَبْحث عن مِلْكية خَاصة أو آلة تلبي لي الأوامر مثل « جارية في حريم السلطان »، فللإنسان حَق فِي أَن يَعيشَ حَياة أُخرى و لكل فرد منَّا مَاضي معين، نُريد أن نَنتشل أَنفسنَا منه و لَست أَبَدا ممن يؤمن بمسألَة قَتل مستقبل إنسَان على أساس ماضيه. كما أنني لا أرى أن المرأة الأنثى لا مكان لها إلا المنزل أو المطبخ فلا أبحث عن خادمة فندق أو طباخ مطعم معتمد، فالعلاقات الإنسانية في غاية الدقة و فيها جوانب أخرى يجب علينا أن نعيش من خلالها لنحس بالوجود.
لقد أصبحت لا أحكم على امرأة من لباسها فلها حرية أن تكتسي كما تريد في الشاطئ بالبيكيني، في الشارع بسروال قصير أو تنورة قصيرة فهذا لا يحدد معيار الإنسانية و لا أحكم على المرأة سلبا بسبب أنها تدخن أو تشرب الخمر أو تخرج بفردها لتقضي أشغالها بنفسها، كل هذا تعلمته من الحياة و من مختلف ما عشته في هذه الدنيا فالأحكام المسبقة لم تعد بالنسبة لي إلا رؤية فوقية و لا أحكام لا رجعة فيها.
المرأة إذا و بكل بساطة إنسان حر.

شكرا – عدني 2020



biface face b |
libre pensée |
le rôle de la France dans l... |
Unblog.fr | Annuaire | Signaler un abus | Le Blogue de Yann Redekker Bis
| Amaso, amatwi,n'ururimi rw'...
| Un RIC pour une AC